سورة الإنسان - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإنسان)


        


{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)}
هل بمعنى (قد) في الاستفهام خاصة، والأصل: أهل، بدليل قوله:
أَهَلْ رَأَوْنَا بِسَفْعِ الْقَاعِ ذِي الأكمِ ***
فالمعنى: أقد أتى؟ على التقرير والتقريب جميعاً، أي: أتى على الإنسان قبل زمان قريب {حِينٌ مّنَ الدهر لَمْ يَكُن} فيه {شَيْئاً مَّذْكُوراً} أي كان شيئاً منسياً غير مذكور نطفة في الأصلاب والمراد بالإنسان: جنس بني آدم، بدليل قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ} [الإنسان: 2]؟ {حين منالدهر} طائفة من الزمن الطويل الممتد فإن قلت: ما محل {لم يكن شيئاً مذكوراً} قلت: محله النصب على الحال من الإنسان، كأنه قيل: هل أتى عليه حين من الدهر غير مذكور. أو الرفع على الوصف لحين، كقوله: {يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ} [لقمان: 33]، وعن بعضهم: أنها تليت عنده فقال: ليتها تمت، أراد: ليت تلك الحالة تمت، وهي كونه شيئاً غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف.


{إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2)}
{نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} كبرمة أعشار، وبرد أكياش: وهي ألفاظ مفردة غير جموع، ولذلك وقعت صفات للأفراد. ويقال أيضاً: نطفة مشج، قال الشماخ:
طَوَتْ أَحْشَاءُ مُرْتَجَةٍ لِوَقْتٍ *** عَلَى مَشَجٍ سُلاَلَتُهُ مَهِينُ
ولا يصحّ أمشاج أن يكون تكسيراً له، بل هما مثلان في الإفراد، لوصف المفرد بهما. ومشجه ومزجه: بمعنى. والمعنى من نطفة قد امتزج فيها الماءان.
وعن ابن مسعود: هي عروق النطفة.
وعن قتادة: أمشاج ألوان وأطوار، يريد: أنها تكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة {نَّبْتَلِيهِ} في موضع الحال، أي: خلقناه مبتلين له، بمعنى: مريدين ابتلاءه، كقولك: مررت برجل معه صقر صائداً به غداً، تريد: قاصداً به الصيد غداً. ويجوز أن يراد: ناقلين له من حال إلى حال، فسمي ذلك ابتلاء على طريق الاستعارة.
وعن ابن عباس: نصرّفه في بطن أمّه نطفة ثم علقة. وقيل: هو في تقدير التأخير، يعني: فجعلناه سميعاً بصيراً لنبتليه، وهو من التعسف.


{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)}
شاكراً وكفوراً: حالان من الهاء في هديناه، أي: مكناه وأقدرناه في حالتيه جميعاً. أو دعوناه إلى الإسلام بأدلة العقل (السمع) كان معلوماً منه أنه يؤمن أو يكفر لإلزام الحجة. ويجوز أن يكونا حالين من السبيل، أي: عرّفناه السبيل إما سبيلاً شاكراً وإما سبيلاً كفوراً كقوله: {وهديناه النجدين} [البلد: 10] ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز.
وقرأ أبو السّمّال بفتح الهمزة في (أما) وهي قراءة حسنة والمعنى: أما شاكراً فبتوفيقنا، وأما كفوراً فبسوء اختياره.

1 | 2 | 3